هذه الأمة بحاجة إلى بناء النفوس وتشييد الأخلاق
وطبع أبنائها وشبابها على خلق الرجولة
حتى يصمدوا لما يقف في طريقهم من عقبات
و يتغلبوا على ما يعترضهم من صعاب
فالرجل سر حياة الأمم و مصدر نهضتها و عزتها و قوتها ...
وتاريخ الأمم جميعا إنما هو تاريخ ما ظهر بها من الرجال الأقوياء والمصلحين
أصحاب النفوس الكبيرة والهمة العالية والأخلاق النبيلة .
وهؤلاء الرجال الأقوياء الذين تبعث بهم الأمة من مواتها و تنهض وترتقي
هم عملة نادرة قلما تقع عليها العين
وقد عبر النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الحقيقة بقوله :
" إنما الناس كالإبل لا تكاد تجد فيها راحلة " رواه مسلم .
والمراد من الحديث أن الناس على كثرتهم لا تتوافر فيهم شروط الرجولة الكاملة ,
كما أن مائة من الإبل قد لا يجد فيها الإنسان مطية واحدة
تتوافر فيها شروط الارتحال و السفر المقصودة .
الرجال أمنية عمر رضي الله عنه
أدرك الفاروق عمر بن الخطاب أن الرجال سر نهضة الأمة ومصدر قوتها
فكانت أمنيته وجود الرجال الأقوياء الأمناء
أصحاب العقيدة القوية و الإخلاص الحي .
فقد روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان جالسا إلى جماعة من أصحابه
فقال لهم : تمنوا ,
فقال أحدهم : أتمنى لو أن هذه الدار مملوءة ذهبا أنفقه في سبيل الله .
فقال عمر : تمنوا ,
فقال رجل : أتمنى لو أن هذه الدار مملوءة لؤلؤا و زبرجدا وجواهر
أنفقه في سبيل الله عز وجل ,
فقال عمر : تمنوا ,
فقال أصحابه : ما ندري ما نقول يا أمير المؤمنين ,
فقال عمر : و لكني أتمنى رجالا مثل أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل
و سالم مولى أبي حذيفة أستعين بهم على إعلاء كلمة الله ونصرة دينه .
وقد كان جيل الصحابة قمما ورجالا بكل ما تحمله الكلمة من معان
وهبوا أنفسهم لله غايتهم الأسمى رضوان الله
فكان الواحد منهم بألف ممن سواهم بل الواحد منهم أمة بمفرده .
فقد كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقول
عن الصحابي الجليل القعقاع بن عمرو :
لصوت القعقاع في الجيش خير من ألف رجل
وفي رواية أخرى : لا يهزم جيش فيه القعقاع .
ولما أبطأ فتح مصر على عمرو بن العاص كتب إلى الفاروق عمر
يطالبه بمدد من الجند فأمده عمر بأربعة آلاف وكتب إليه :
" إني أمددتك بأربعة آلاف رجل على كل ألف رجل ,
رجل بألف رجل : الزبير بن العوام والمقداد بن عمرو وعبادة بن الصامت
ومسلمة بن مخلد و اعلم ان معك اثني عشر ألفا ولا يغلب اثنا عشر ألفا من قلة "
فما أحوج أمتنا إلى رجال أقوياء
على أيديهم تحيا الأمة من مواتها وضعفها وهوانها
( رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله
و إقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار *
ليجزيهم الله أحسن ما عملوا و يزيدهم من فضله
والله يرزق من يشاء بغير حساب
يقول محمد أحمد الراشد : إن طريقا جميلا فسيحا يغريك بالتوغل، تتفرع عنه دروب ضيقة، وانعطافات حادة، لن تدعك شرطة السير والمرور تسير فيه بسيارتك دون علامات تحذير حمراء، وإشارات للأخطار، فترسم لك خطأ عموديًا وسط مثلث يطلب منك الانتباه، وخطأ أفقيا أبيض وسط دائرة حمراء يمنعك الدخول، وسهمًا منكسرًا جنب سهم مستقيم مشطوبا بخط أحمر يمنعك تجاوز من يسير أمامك، وسبقه بسيارتك. فما من سائر يلتزم حدود هذه اللافتات، إلا ويصل مراده وغايته آمنًا، ساكن القلب، في لذة غامرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق